تمتدّ أبرشيّة صيدا ودير القمر على الساحل اللبنانيّ، من نهر الدامور شمالاً وحتّى نهر القاسميّة جنوبًا، وشرقًا حتى مرتفعات سلسلة لبنان الغربيّة. وتطال صيدا المدينة وجوارها ومناطق: الزهراني والنبطيّة وجزين وإقليم التفاح والشّوف وإقليم الخروب. مساحتها 1300كلم مربع. وقبل التهجير والنزوح كان عدد أبناء الأبرشيّة نحو 40 ألف نسمة.دخلت المسيحيّة منطقة صيدا والجنوب اللبنانيّ، منذ فجر المسيحيّة. فالسيّد المسيح نفسه "زار تخوم صور وصيدا" وفيها أجرى بعض معجزاته. وفي القرون الأولى للمسيحيّة، بنيت كنيسة على اسم الكنعانيّة في صيدا تخليدًا لهذه الأعجوبة، وكان يزورها الحجّاج في طريقهم إلى القدس في الحيّ المعروف اليوم باسم "الكنان".وكرز رسل المسيح في مدينة صيدا وجوارها، في طريقهم من القدس إلى أنطاكية، وأسسوا الجماعة المسيحيّة الأولى، وأقاموا عليها راعيًا، كالعادة الجارية في ذلك الزمن. . لم يحفظ لنا التاريخ معلومات مفصّلة عن الحضور المسيحي في صيدا والجوار، لأن سجلات المدينة أتلفت مع الزمن، لما أصاب المنطقة من دمار وحريق في الزلازل والحروب والغزوات. أما أسماء أساقفة صيدا التي وصلت إلينا، فهم الذين اشتركوا في المجامع المسكونيّة الأولى، وفي المؤتمرات العالميّة أو الإقليميّة، وحفظ لنا المؤرّخون تواقيعهم، أو الذين اشتهروا بقداسة السيرة أو بعلمهم الغزير، وقد ذكرهم بعض المؤرخين وهم:- زنوبيوس: مطران صيدا في أواخر القرن الثالث، رأس كنيسة صيدا، من أعظم الشخصيات الدينيّة والعلميّة في زمانه. ألّف كتاب "سورية المقدّسة"، ومات شهيد الإيمان سنة 303.- ثاوذورس: ورد اسمه في عداد المطارنة الذين اشتركوا في المجمع المسكونيّ الأول سنة 325م، الذي عُقِد في نيقيا.- أمبفوريون: بحسب المؤرّخ نيكيطا، كان مشايعا لآريوس الذي حرمه المجمع المسكونيّ الأوّل.- بولس: اشترك في المجمع المسكونيّ الثاني في القسطنطينيّة (381)- لاونديوس: إشترك في المجمع المسكونيّ الثالث، في أفسس (431)- داميانوس: إشترك في المجمع المسكونيّ الرابع، في خلقيدونيا (451)- بيغاس: وقّع مع ذوروثاوس، مطران صور وأساقفة فينيقيا، رسالة مجمعيّة محليّة، ورفعوها إلى الملك لاون الكبير، سنة 458.- أوسابيوس: وقّع أعمال المجمع المسكونيّ الخامس، (553). وسنة 512، عقد مجمعًا محليًّا في صيدا، إشترك فيه 80 أسقفًا.- بعد الفتح العربيّ:في هذه الفترة قلّما بلغتنا أخبار عن مطارنة صيدا. ولكن، حوالي القرن التاسع، يبرز اسم بولس الراهب، أسقف صيدا. ولد في أنطاكية، ثمّ ترهّب، وسيم أسقفًا على مدينة صيدا. وكان عالمًا كبيرًا وترك كتابات كثيرة قيّمة بالّلغة العربيّة. وتوفي في صيدا.في العصر الحديث:إن مجيء الإفرنج تحت راية الصليب، أساء للحضور المسيحيّ في هذه المنطقة، فبعد انكسار الصليبيين ورحيلهم عن بلادنا وخراب آخر معقل لهم في عكا، سنة 1291م، تقلّص الوجود المسيحيّ في المنطقة. لأنّ قبضة المماليك كانت قاسية. وعندما تولّى الأمير فخر الدين المعنيّ الكبير، حكم البلاد في القرن السادس عشر، واشتهر بتسامحه الدينيّ، عاد وكثُر عدد المسيحيين في صيدا وجوارها وفي الشّوف، خاصة من الذين هاجروا إليها من شماليّ لبنان وطرابلس والكورة وعكّار ومن حوران والشام، وكان أكثرهم رجال أعمال وتجارة وصناعة حرفيّة وزراعة، وفيهم "أصحاب كلام". وقد التمسوا من الأمير إذنًا لإقامة مطران عليهم، أسوة بأهل طرابلس. وتمّ الاتفاق مع الأمير فخر الدين وبرضى بطريرك الروم الانطاكيّ يواكيم زيادة، على اختيار أغناطيوس عطية، كاتب الأمير الخاص، أسقفًا على صور وصيدا معًا، وأن يجعل إقامته في صيدا وفي دير القمر. وقد تمّت سيامته حوالي سنة 1604م. ومنذ ذلك التاريخ، تتابعت سلسلة أساقفة صيدا، دون انقطاع إلى يومنا هذا.وفي القرن الثامن عشر تكاثر عدد المسيحيين في عهد المطران افتيموس الصيفي (1643-1723)، الذي سيّم مطرانًا على صيدا سنة 1682، وكانت له صداقات متينة مع حكّام البلاد ومشايخ المسلمين في صيدا والجنوب ومع أمراء ومشايخ الدروز في الشوف. وهذه الصداقات سهّلت على المطران الصيفي، في تلك الأيام الصعبة، أن يبني ويؤسس دير المخلص ويجلب مسيحيين جددًا
أساقفة صيدا ودير القمر بعد فصل أبرشية صور عن صيدا
أفتيموس الصيفي 1682-1723
باسيليوس جلغاف 1758-1763
أثناسيوس جوهر 1763-1788 (أصبح بطريركًًا)
أغابيوس مطر 1795-1796 (أصبح بطريركًا)
أثناسيوس مطر 1800-1813 (أصبح بطريركًا)
باسيليوس خليل 1821-1836
ثاودوسيوس قيومجي 1836-1886
ولد في دمشق سنة 1808 ، ولما دخل الرهبانية بانت عليه ملامح الذكاء والتقوى . أبرز نذوره في 11 أذار سنة 1830 ، وبعد سنتين فقط من سيامته الكهنوتية انتخبأسقفاً على صيدا سنة 1826 ، وبدأ يدير رعيته بفطنة وغيرة وتقوى. وسنة 1842 حصل خلاف بينه وبين أفراد رعيته فترك صيدا راغباً في الاستقالة وسكن دير المخلص . وكلف البطريرك مظلوم المطران اكلمنضوس بحوث لحل الخلاف فنجح فعاد الراعي الى كرسيه بعد سنتين نمن الجفاء والبعد. سنة 1846 أضاف دير القمر الى لقبه . حضر المجمع الاورشليمي سنة 1849. ولما التأم الأساقفة في 19 أذار سنة 1856 لانتخاب خلف للبطريرك مظلوم اتجهت الأنظار اليه فهدّد بأنه سيسوح في البراري إذا انتخب بطريركاً. فقرر الراي على انتخاب المطران اكلمنضوس بحوث. وكان المطران قيمومجي من أشد المعارضين لإقرار الحساب الغريغوري في الطائفة. سافر الى روما سنة 1869 لحضور المجمع الفاتيكاني الأول ، وهو الذي نقل مقر إقامته من عبرا الى صيدا واشترى داراً لذلك ثما اشترى أرضاً تعرف بحرف الدقيق قرب برتي. توفي في دير المخلص سنة 1886 ودفن في معبد القديس أنطونيوس البدواني . تميز بالعلم والوعظ المفيد والكتابة لمناشير عديدة. وكان ذا سخاء على الفقراء. أقام مدارس عديدة ، كان غيوراً على اتقان الطقوس الكنيسة والعبادة الحارة وتلاوة الصلاة والقداس بلفظ حسن وفصيح يفهمه كل الشعب. في عهده قسّمت كنيسة مار نقولا في صيدا القديمة الى قسمين بين الروم والكاثوليك ، وكانت كاتدرائية الأبرشية في ذلك الوقت . وهو الذي بدأ باصلاح معبد مغدوشة وبناء باب المغارة وغرف لراحة الزوار.
باسيليوس حجار 1886-1916
ولد في جزين في 6 كانون الثاني سنة 1839 من أبوين تقيين لكن الله افتقدهما وهو بعد صغيراً عندئذ أقبل الى دير الراهبات المخلصيات للخدمة و أنذر نذوره الأول في 15 اب 1857. بعد سنة من نذوره الأول ، أُرسلَ الى روما الى مدرسة انتشار الايمان حيث بقي ثماني سنوات . عندما عاد الى الشرق ، عيّن في اكليريكية عين تراز مدرساً للاهوت العقائدي والأدبي واللغة اليونانية . وأمضى خمس سنوات رئيساً على اكليريكية عين تراز ، ثمّ رئيس أساقفة على بصرى وحوران . وفي 18 تشرين الثاني سنة 1886 ، توفي المطران ثاوضوسيوس قيموجي الطيّب الذكر مطران صيدا ، وبقيت الابرشية بدون أسقف . أصرّ شعب الأبرشية الصيداوية على غبطة البطريرك المثلث الرخمات غريغوريوس يوسف الاول ، أن ينقل المطران باسيليوس حجار الى صبدا ، ويقيمه أسقفاً شرعياً عليها و في 22 حزيران سنة 1887 ، نصّب المطرا باسيليوس حجار ، مطراناً عل صيدا باحتفال مهيب. أوّل ما قام به هو افتتاح مدرسة أسقفية فيها بالقرب من الكنيسة ، واشترى في دير القمر دار المعلم بطرس كرامة شاعر الأمير بشير وحوّلها الى مدرسة كبيرة . وضع حجر الأساس لكاتدرائية القديس نيقولاوس في حزيران 1892 و في 12 اب بوشر العمل بدار المطرانية الذي انتهى منه في السنة نفسها وهذا بتمويل من السلطان في القسطنطنية الذي قدّم له مبلغ ألف ليرة ذهب. وفي 2 نيسان 1895 احتفل بتدشينها وقدّ أرّخ تشييدها الشيخ ابراهيم اليازجي ، وهذا التاريخ ما زال حتى يومنا هذا منقوشاً فوق رتاج بابها الكبير الغربي . بنى باسيليوس في أبرشية صيدا ، ثلاث عشرة كنيسة في القرى التالية : النبطية ، جباع ، جزين ، بطمة ، معاصر الشوف ، جنسنايا ، مغدوشة ، المية ومية ، قيتولة ، عماطور ، وادي الدير ، الخريبة وكفرقطرة عدا عن المدارس والأخويات. وفي 16 شباط 1916 فارق الحياة ونقل جثمانه من دمشق الى صيدا في 13 نيسان 1923 ليرقد بسلام في الأبرشية التي أحب.
أثناسيوس خرياطي 1921-1931
نيقولاوس نبعة 1931-1946
باسيليوس الخوري 1946-1977 (استقال، ثم توفي 1985)
ولد في صافيتا في 15 اب سنة 1900 ، دخل دير المخلص في 7 تشرين الاول سنة 1912و بدأ يتدرّج بالعلم والفضيلة فأرسل الى روما سنة 1926 حيث قضى أربع سنوات عاد بعدها حاملا شهادة الملفنة في اللاهوت . في 25 اب 1930 استدعاه البطريرك كيرلس مغبغب ليكون كاتم أسراره فلبث في المهمة حتى سنة 1934. وفي سنة 1938 عين نائباً عاماً على أبرشية صور وعرف بعطفه على الفقراء خصوصاً إبان الحرب العالمية الكبرى . وسنة 1943 انتخب رئيسا عاماً للرهبانية . وكانت فترة رئاسته العامة قصيرة ، إنما حافلة بالمشاريع كربط دير المخلص بالهاتف ، وحفر بئر ارتوازية في بستان اليهودي في صيدا . وعلى أثر وفاة المطران نقولاوس نبعة انتخب الأب داود خلفا له في 25 اذار 1947 ودعي باسيليوس تيمناً بباسيليوس حجار العظيم وامتاز هذا الأسقف بكرمه السخي واللامحدود تجاه كل الناس والمحتاجين بنوع خاص . لا يمكن إحصاء وتعداد المشاريع الكثيرة التي قام بها مدة ثلاثين سنة تقريباً من أسقفيته فقد بنى 16 كنيسة جديدة وشيّد عدد كبير من المدارس والأناطيش والأوقاف وكان أهم مدرسة بناها بمساعدة لأب أنطوان صبحية هي مدرسة المحبة في كفرنبرخ. ترك المطران باسيليوس مأثرة ستذكرها الأجيال وهي تشييده في مغدوشة برجاً بارتفاع 28 متراً ، يعلوه تمثال يبلغ طوله ثمانية أمتار ونصف المتر ، وزنته ستة أطنان للعذراء مريم ، وهي تحمل على ذراعيها الطفل يسوع. ونظرا لسوء صحته التي أنهكتها المتاعب قدّم استقالته للسينودس وفي 22 نيسان 1985 غيّب الموت هذا الأسقف بعد سنوات من المرض . جرى نقل رفاته من مقبرة الأباء البولسيين في حريصا الى مزار سيدة المنطرة باحتفال كبير في حزيران 1993.
أغناطيوس رعد 1981-1985 (استقال)
ولد في كفرنبرخ في 20 ايلول 1923 وسيم كاهناً في 19 تشرين الاول سنة 1947 ودرس علومه الأكاديمية والفلسفية واللاهوتية في اكليريكية دير المخلص. سنة 1949 ذهب الى روما ودرس في جامعاتها وحاز على دكتوره في الحقوق الكنسية والمدنية ، وفي العلوم السياسية . ثم عاد الى مصر فعيّن كاهن في عدّة رعايا . وسنة 1969 عيّن وكيلاً بطريركياً حتى سنة 1972 ، وفي سنة 1972 أرسل الى الفاتيكان فكان قاضياً في محكمة الروتّا الرومانية حتى سنة 1981. انتخب مطراناً على أبرشية صيدا في 9 ايلول سنة 1981 وسيم أسقفاً في 30 تشرين الاول 1981. تميّز عهده بالاجتياح الاسرائيلي وما جرّه من ماس وفتن. وهذا منع المطران رعد من العمل في الابرشية ، ومالبث أن استقال سنة 1985، وانتقل الى كندا.
جورج كويتر 1987-2007( استقال)
وُلد المطران جورج كويتر في دمشق عام 1928، ودخل شابًا دير المخلّص العامر حيث أبرز نذوره الرهبانيّة المقدّسة ثمّ رسم كاهنًا عام 1954، بعد أن أنهى في دير المخلّص دروسه الفلسفيّة واللاهوتيّة.خدم في رعايا كثيرة في لبنان والأردن وفي مدرسة دير المخلص، وتولّى إدارة مطبعة دير المخلّص، ووضع سلسلة "القديسين الشعبيين". وعام 1966 تسلّم إدارة مؤسسة دار العناية في عبرا ثمّ في الصالحيّة، وكان قد أسسها مع زميليه الأبوين لطفي لحّام وسليم الغزال، فكانت "دار العناية" عمل حياته الكبير تفانى في إدارتها ونموّها وتطوّرها مدّة واحد وعشرين عامًا. .بعد أحداث شرقي صيدا عام 1985 بقي صامدًا في المنطقة، وأعاد الحياة إلى دار العناية، بالرغم من التهجير والحرب.خدم عشرين سنة في الأبرشية قام خلالها بترميم عدد كبير من الكنائس وإطلاق مشروع بازيليك سيدة المنطرة وترميم المقام وإنشاء لجنة من مجلس إنماء الأبرشية . واستقال عام 2007 من منصبه بداعي السن القانونيايلي بشارة الحداد 2007-